رأي الاسلام بالتراث و الثقافة و الفن
تطرح التساٶلات دوما بخصوص التراث و الثقافة والفن الإسلامي وموقف الاسلام(قرآنا و سنة) من ذلك، وهي تساٶلات وقع المجيبون عليها في شيء من الخلط والتمويه، خصوصا عندما نجد هناك من يخلط بين(التراث والثقافة والفن الاسلامي)، وبين الدين ولذلك يسحب صفة القداسة عليها، کما أنه هناك في نفس الوقت من يدعو إلى العزل التام بين الدين والتراث الإسلامى بدعوى أن " الدين إلهى ، والتراث بشرى ، ولا ينبغى أن نخلط بين البشري والإلهي ".
والحقيقة إن التراث الإسلامي، بالمعنى و السياق الذي طرحناه أعلاه، له جانبان:
الاول: ذو بعد مقدس يتمثل في القرآن الکريم والسنة النبوية الکريمة.
الثاني: بشري لاقداسة له يتجسد في نشاطات وإبداعات الإنسان في المجالات المختلفة من ثقافة وفنون وآداب و ماإليها.
التراث، وهو يشمل مختلف جوانب الثقافة والفنون والآداب کما ترکته الاجيال السابقة لنا، وهو واسع ومتشعب يصعب حصر مايتفرع ويتداعى عنه في عناصره ومکوناته المادية والمعنوية والحضارية لدرجة أنه يصعب حصر أنواعه وأشكاله، حيث منه مايتصل بالعلم و المعرفة، ومنه مايتعلق بالمعتقدات والفن والأخلاق والعادات والتقاليد والصناعات والحرف، ويدخل فى التراث كل ما يكتسبه المجتمع من سلوكيات وخبرات وأفكار متراكمة عبر العصور، وهي تنتقل من جيل إلى جيل عبر اللغة والتقليد والمحاكاة والتعليم والتعلم.
المجتمعات الاسلامية، وطوال أکثر من 1400 عاما، أبدعت في الکثير من المجالات الحياتية والحضارية تمخضت عنها الکثير من المحصلات الفکرية و الفنية والاخلاقية والمهنية والاخلاقية، وهذه المجتمعات الإسلامية قد تربت أساسا وترعرعت في رياض الإسلام و تنسمت من عبق تعاليمه ولهذا فإن نشاطها کان دوما محددا في ضوء عقيدتها الأساسية والتي هي المنبع والقاعدة الأساسية التي يرتکز عليها المبدع.
النشاطات الثقافية والفنية والادبية التي تراکمت طوال القرون الماضية للأمة الاسلامية بمختلف شعوبها وأعراقها و ألوانها ومواطنها، قد شکلت في محصلتها التراث الثري للأمة الإسلامية بمختلف المجالات، وأن مراجعة الابداعات الانسانية للأمة الاسلامية طوال القرون الماضية وفي مختلف المراحل، تٶکد و تبين لنا إستمرار العطاء والابداع لهذه الأمة و عدم إنقاطاعها عنه وهذا مايعني إن هذه الابداعات والنشاطات قد کانت وفي کل تلك القرون الماضية وفي ظل مختلف الخلافات والسلطات الإسلامية القائمة، کانت تحظى بالدعم والرعاية ولهذا فقد کان هنالك إزدهار في مجال الاعمار والبناء والزخرفة والنقوش والصناعات اليدوية والفنون والابداعات المختلفة الاخرى.
*العلامة السيد محمد علي الحسيني
|