أهمية الهلال في الفقه الإسلامي

سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني

يعتبر الهلال في الفقه الشرعي من المسائل المهمة في الإسلام، فمن خلاله يتم تحديد بداية كل شهرٍ في التقويم الإسلامي القمري، بناء على رؤية الهلال، وفي هذا يقول تعالى :"يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للنّاس والحجّ" أي يسألك الناس يارسول الله عن العلة والحكمة والغاية والمقصد من وجود (أهلةٍ)، وهي جمع " هلالٍ " ويعني القمر في الليلة الأولى والثانية من بداية الشهر، والجواب قل هي من أجل معرفة المواقيت الزمانية والتي يترتب عليها تكاليف عبادية

ومن هنا تأتي أهمية البحث في فقه الهلال من حقيقة أنه يحدد بداية الشهور القمرية، من خلال مسألة التقويم والعبادات، بل الأحكام الشرعية المرتبطة بالأشهر القمرية فمثلا يعتبر صيام شهررمضان من أهم العبادات في الإسلام، ويبدأ هذا الشهر برؤية هلاله، كما يحدد الهلال أيضا بداية عشرة ذي الحجة وهو الشهر الذي يجتمع فيه الملايين من المسلمين في الحج إلى البيت الحرام في مكة المكرمة.

ومن هنا علينا أن ندرك أهمية إثبات رؤية الهلال كمقدمةٍ للعلم وتأثيره على وجوب وصحة توقيت العبادات والأعياد والتقويم الإسلامي المرتبط بها، كما يجب أن نكون مدركين لقيمته وأهميته وارتباطه بأحكام الفقه الإسلامي في تحديد بداية ونهاية الشهور والمناسبات الدينية ونحترم الأدلة الشرعية في ذلك.

أما اختلاف أسلوبي تحديد الهلال بين طريقة استخدام الحساب الفلكي لثبوت الهلال وبين الرؤية البصرية للهلال، فهي مسألة ترجع إلى الاختلاف في المباني الفقهية وفق فهم الفقهاء للحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار، فهو يحدد لنا الضابطة الشرعية في ثبوت الهلال بقوله:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".

فمن الفقهاء من رأى بأن المطلوب شرعا العلم بولادة الهلال، والرؤية تعني العلم على نحو الطريقية إليه بأي وسيلة علمية يمكن الاطمئنان بأن الهلال ولد ولوعن طريق الحساب الفلكي وهذا مبنى الطريقية.

 ومنهم من قال لابد من إثبات الرؤية البصرية للهلال الموضوعية، ولايتحقق بغيرها، بالرؤية البصرية حصرا وموضوعا يتحقق ثبوت الهلال شرعا وهذا مبنى الموضوعية، وينبغي احترام وتقدير الاختلافات الفقهية والاجتهادات العلمية بين الفقهاء والعلماء، وعليه يجب علينا كمسلمين الانتباه والاستعداد لرؤية الهلال في نهاية كل شهر، والاستهلال عملا بالاحتياط والجمع أولى، بل نؤكد على استحباب الاستهلال، لذلك ننصح بالتواصل والتنسيق والمتابعة دائما مع المحاكم والمراكز والهيئات واللجان الدينية الرسمية المعتمدة للتأكد من رؤية الهلال وثبوته.

وأختم بدعاء رؤية الهلال الثابت عن نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار، كان إذا رأى الهلال قال: "اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسّلامة والإسلام، ربّي وربّك اللّه، هلال رشدٍ وخيرٍ.